طرابلس (رويترز) - يشتهر متحف الجماهيرية في ليبيا بالآثار الرومانية التي يضمها لكن اثنين من أحدث زوار أحد أهم مواقع الجذب السياحي في طرابلس عادا لتوهما من رحلة الى جنوب البلاد ليتحدثا عن اكتشافات جديدة ترجع الى عدة آلاف من السنين قبل الرومان.
وبمثل ديفيد كولسون واليك كامبل صندوق الفن الصخري الافريقي وهي منظمة لا تهدف الى الربح تهتم بالفنون القديمة وتسعى للحفاظ عليها.
وقال كولسون لرويترز "الفن الصخري يفتح لنا نوافذ على عوالم اختفت قبل وقت طويل جدا. قبل حتى أن يبدأ التاريخ المسجل. ورغم ذلك نجد في الفن الصخري تطورا رائعا في الرقي الفني حتى في تلك الأيام قبل عشرة آلاف الى 12 ألف سنة. والفن الصخري ظاهرة موجودة في كل بلد في العالم تقريبا. لكني أقول ان ليبيا ربما تملك أفضلها.. ليبيا والجزائر على أي الأحوال.. أفضل الفن الصخري الموجود في أي مكان على الارض وبعض من أقدمه. وهنا تكمن أهميته البالغة."
وعلى مدى سنوات زار كولسون وكامبل العديد من المواقع في القارة الافريقية وسجلاها لكنهما ركزا على ليبيا والجزائر خلال السنوات الأخيرة.
وتتيح رسوم ونقوش صخرية في البلدين رؤية جديدة لحياة الأسلاف وأعلنت منظمة الامم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (يونسكو) العديد من هذه الأماكن ضمن مواقع التراث الثقافي العالمي.
وتقطع سيارات الدفع الرباعي أياما عديدة على أراض وعرة للوصول الى العديد من تلك المواقع.
ورصد فريق صندوق الفن الصخري الافريقي خلال أحدث زياراته التدهور الطبيعي في بعض المواقع المعرضة للعوامل الطبيعية من رياح وأمطار ورمال فضلا عن أِشعة الشمس. لكن ذلك لم يكن اكثر ما اثار قلق الفريق.
وقال كولسون "اكتشفنا أن مواقع عايناها سابقا وصورناها بأنفسنا خلال رحلات سابقة رشت بالطلاء. بمعنى آخر أن شخصا ما حصل من متجر على بعض الطلاء وغطى به تلك الرسوم التي يرجع بعضها الى قبل سبعة أو ثمانية أو تسعة ألاف عام.. غطاها بطلاء حديث. الامر الذي يعني استحالة استعادتها مجددا وبالتالي فهي خسارة لا تعوض."
والفن الصخري ليس أول تعبير فني معروف للبشر فحسب بل ينقل لنا صورة عن الحياة والبيئة والحيوانات التي انقرض العديد منها او انتقل مئات الكيلومترات جنوبا بحثا عن الماء والغذاء.
وأضاف كولسون "حتى وقت قريب كان يعتقد أننا كلما رجعنا الى الوراء (في الزمن) كلما كان الناس بدائيون. لكننا ننظر الى الفن الصخري فتدرك أن هذا ليس صحيحا وأن بعض أقدم شعوب القارة عرف قدرا كبيرا من التطور."
وناقش كولسون وكامبل اكتشافاتهما وتحدثا عن صندوق الفن الصخري الافريقي مع فتحية الهساوي مديرة متحف الجماهيرية.
وتضم قاعة بالمتحف مجموعة من الادوات التي استخدمها الإنسان الأول والتي لعبت دورا كبيرا في تاريخ ليبيا.
وقالت مديرة المتحف "الحضارة والثقافة.. ثقافة ما قبل التاريخ اللي هي تضم الرسوم الصخرية والنحوت اللي على الصخور في منطقة.. في مناطق مختلفة من جنوب الجماهيرية مهمة جدا لانها بتحكي تاريخ وحضارة الانسان في تلك الفترة التي مضت ولا يوجد منها سوى هذه الآثار الباقية. رسوم بتعطينا لوحات اجتماعية.. لوحات للحياة اليومية.. لثقافة الانسان أو الحياة اليومية لانسان ما قبل التاريخ."
ويأمل كولسون وكامبل ان تساهم زيارتهما لليبيا في زيادة الوعي بأهمية الفن الصخري الافريقي والمخاطر التي يتعرض لها.